dimanche 21 octobre 2012

البيت القديم


بعد انقطاع طال نصف القرن وجد بنفسه رغبة عنيفة لزيارة حارة الطفولة والشباب، ولولا ذكري موشومة بلون أحمر زكي لما تعرف إليها من شدة التغريب، وعلق بصره بالبيت القديم الذي كان يقصد إليه في جمع الأحباب والأصدقاء صباح مساء، وجاشت في صدره عواطف مكتومة تداري هجر الزمان، وشعر بابتسامة خفاقة تنثر الحياة  في أعصان شجرة التاريخ الشامخة، وتهلل محياه بغلالة فضية أضفت عليه وقارا وشموخا، فلوح بالكوفية على كتفيه واندفع نحو الباب يغالب سعادة تكاد تخرج بعقله عن طور الحكمة، وطرق الباب بأناة ...فتحت مصراعيه عن ظلمة تتألق بها أعين الذئاب ونيران البواريد......
كنت اجده بالدنيا الصاخبة بالأحياء وحيدا يحاور الخواطر، ويتأمل جلال الكون، وقد حملته ريح الغربة فوق السحاب صادعة بأمر صدره المترع بالحنين والأشواق...
قلت له يوما وقد تبدد قلبي عطفا حنينا:
ـ يا ليتكم ما تركتم الحارة القديمة ولا البيت القديم ..........
فقال بصوت نبراته حسرات:
ـ أضعناه حين نسينا من نكون ونسينا من يكون ........... وتضيعونه في البكاء والنحيب ...
وقع من نفسي هذا القول كزيت على نار  .... فرنوت إلى المستقبل في إشفاق من عجز الماضي
لاح في الأفق موكب ساطع من النور، جعل يقترب من حياتي،ثم يقترب أكثر كلما تطلعت إليه
كانوا شبابا يحملون شموع ...... سألتهم : إلى أين موكبكم ...؟؟
أجابوا : إلى البيت القديم........ نضيئه .... سنحاكم الظلام الذي غطى غدر الذئاب
سأضم قبضتي إلى قبضاتكم .....وعزيمتي إلى عزائمكم ... وشمعتي إلى نوركم
إلى البيت القديم ..........!!!

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire