mardi 12 novembre 2013

الدودة

الدود نوعان، نوع يعيش في عناصر الطبيعية ونوع يعيش في الانسان،فأما النوع الأول فتعرفونه ولا شك أنكم رأيتموه بين الأعشاب وفي جدوع الأشجار وعاينتم ألوانه وحركته العجيبة، وأما النوع الثاني وهو موضوع درسنا لهذا اليوم فقليل من الناس يعرفونه وكثير منهم لا يعرفونه، وهؤلاء الذين يعرفونه لم يروه قط، وإنما يرون أفعاله ويتمثلونه في أدهانهم، وهو دود عجيب، يعيش متطفلا على الانسان، يختار أماكنه بدقة متناهية ويسكن فيها ويفرخ ويحيا هو وأولاده الصغار حياة عبث ولعب ولهو، وله هوايات مختلفة ومتنوعة ومتجددة تماشي متطلبات العصر، وقد يكون صغيرا جدا كما قد كبيرا جدا، والصغير جدا مشاغب كثير الحركة أما  الكبير جدا فهو دود كسول يحب الراحة والنوم ولا يتحرك إلاحين يستثار، ولكن حين يتحرك تكون حركته مروعة مهولة.
 وهذا الدود شرير للأسف، يستبب أمراض خطيرة يصعب  إن لم أقول يستحيل علاجها، ومما يزيد من خطورة شره أن الشخص الذي يعيش فيه الدود لا يعرف ذلك  ولا يمكن أن يعرف ذلك، إذ  يحرص هذا المجرم أن يخفي نفسه عن فريسته، ببراعة يستطيع أن يوهم الشخص الذي يتخد منه مسكنا ومصدر رزق أنه طبيعي كامل، ولو حدث أن قلت له إنك مريض عليك أعراض ملازمة الدود فادهب واكشف عن نفسك لا يصدقك بل ينتفض ويسارع إلى النفي.
وأعراض الدود  قد تكون أقوالا أو أفعالا أو ردود أفعال أو حركات، حسب حجم الدودة وميزاجها وحسب أنواع اللعب المفضل لديه، فالدود الصغير يعيش في الناس بأعداد كتيرة جدا وهو بطبيعته متوهج لا يعرف السكون يحب اللعب والنبش  ليل نهار فيسبب لصاحبه إيثارة حادة يصعب السيطرة عليها، فيفقد الرقابة على أقواله وأفعاله فتجده يثرثر في كل اتجاه ويحشر أنه في كل ضيق، أما الذوذ الكبير فهو دود كسول يحب الراحة والنوم ولا يتحرك إلا بمناسبات ولكن حين يتحرك يثير في صاحبه  ضجيجا وصخبا، فتراه يبح ينبح نباح الكلب أحيانا أو يعوي عواء الذئاب والثعالب أحيانا كما قد ينهق نهيق الحمير أو ينعق كما تفعل الغربان ...
وللدود هوايات كثيرة وأمزجة تصفوا وتتعكر ونفسيات تستوي وتعوج، ولكن هناك نوع ينتشر بسرعة مخيفة، وهو أخطر انواع الدود على الإطلاق، وأعراضه واضحة للعيان على الفايسبوك على شكل أوساخ عقلية وروحية، وهو ذلك النوع الذي يهوى أن يجعل صاحبه يتكلم كثيرا في الدين من غير علم، يصيب النساء والرجال معا، ولكنه يفظل النساء، ويصبح  فعالا مع النساء أكثر منه مع الرجال، وهذه الآفة جبنبنها الله وإياكم حين تنزل بالمرأة يتغمض عينيها وقلبها  نوع من الغرور يفقدها الرقابة عن نفسها، فتصبح فقيهة وعالمة تروي الحديث وتفتي في النوازل، فتجدها اليوم بنهاره وليله تنشر وتعلق وتدعوا وتتنطع وتترهبن، تفتي في كل شيء وتبدي رأيها في كل صغيرة وكبيرة كأنه الله وكلها خصيصا بنشرة الدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويخيل إليها أشياء كثيرة، تشبه الأحلام ولكنها ليست أحلام، تشبه الهذيان ولكنها ليس هذيانا، هي غلو في تصديق النفس، هي متلازمة الدودة   .
وصاحبات هذا النوع الفتاك من الدود لا ينتبهن إلى أنفسن، لا يسائلن أنفسهن مسائلة حقيقية وإن خيل إليهن أنهن يفعلن ذلك،  ولو كان في مقدورهن أن يمحصن قليلا لعلمن أن الناس تتساءل من أين لهن بكل هذا الكم الهائل من العلم مع أنهم يقضين يومهن بنهاره وليله في الفايسبوك، من أين لهن بالوقت الذي يقرأن فيه الكتب التي يحدثوننا عنها، ومتى تتلين القرآن الذي تدعين الناس لتلاوته ؟؟؟؟
كثير من الرجال مصابين بهذا الوباء ولكني سأتحدث إلى النساء، لأني أغير على النساء أكثر مما أغير على الرجال، ويحز في قلبي أن أرى هذا الدود يعشش في المرأة أكثر مما يحز في قلبي أن أراه يعشش في الرجل، ومن منطلق هذه الغيرة أوجه خطابي إلى النساء، إلى اللواتي لم يهاجمهن الدود بعد، أما اللواتي عشش فيهن وكون مماليك ومستعمرات فلن أتحدث إليهن، لأن الحديث أسلوب راق لا يليق بانحطاطهن، ولأنه لن يجدي نفعا مع مفعول حركة الديدان الشقية الذي يرفعهن في سماوات الغرور كالدخان، وإنما يليق وينفع معهن الصفع والبصق والسب والشتم وأنا أرفع نفسي عن هذه الأساليب جميعا، إدن فاسمعن أيتها البريئات الطيبات المحتشمات الخجولات المتزينات بالصمت اسمعنني أقول لكن حافظن على حشمتكن بالصمت إن كثرة الكلام تغري الديدان.
........................................ وتأكدن من حسن نيتي في النصح !!

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire