vendredi 1 novembre 2013

كواكب لا كواعب



أقبلت عليه وقد أسبلت حول كتفيها جذائل شعر ذهبي تحف نهودا كواعب في ريعان شبابها الطري الطازج بديا في كمال استدارتهاما  كالكواكب الذيرة في مداراتها العليا، ووجه فضي الصفاء خاله منسوج من هالة الصباح يطرد ظلام الليل إذا ما تهلل بطلعته البهية، فشرد منه البصر يستقصي معاني ذلك الجمال الطبيعي الخلاب، وذاب القلب ، وذهب منه الرشد وغاب وهو العالم الحليم، في كسل غنوج تقبل عليه وتروح في حللها البديعة المتناسقة الألوان كأنها الشفق القظبي الخلاب تظفي بهجة كبهجة الخمر على ناظرها فيقسم قسم صدق أنها شمس تجنح للغروب، فإذا تطور المشهد وكان بينهما حديث تدللت عليه وتعتبت، وكان لدلالها وتعتبها مذاق ليس فيما نعرف من المذاقات ما يدانيه في حلاوته وسحره على القلب، فإذا زاغ عن سبيل العشاق وعاتبها ارتاعت وتضرّجت وجنتاها بحمرة، وازورت ألحاظها وقطبت الحواجب، وذهبت مغاضبة له في منظر يأخد القلوب نهبا بحسنه، فيقول في نفسه راضيا مرضيا: لا مانع عندي أن ينهب مني القلب من أجل حظوة هذه النطرة البهية.
ذاك هو الفقيه العلامة والشاعر الأديب عبد العزيز بن سرايا بن أبي القاسم السنبسي الطائي والملقب بصفي الدين الحلي الذي عاش متنقلا بين مدينة الحلة العراقية التي ولد فيها وينتسب إليها وبغداذ والبصر والقاهرة في الفترة التي تلت الغزو المغولي مباشرة أي حوالي الربع الأخير من القرن السابع والنصف الأول من القرن الثامن للهجرة، يصف لنا في لفظ مسقول ومعنى معسول ما كان بينه وبين هذه الحسناء  في هذه القصيدة الحسناء.


فرحم الله هذا الفقيه العلامة الشاعر الأديب، وجزاه عن هذا الفن الرائع أحسن جزاء، ومتعنا وإياكم بما متعه الله به من ذوق سليم وروح مرحة.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire