كتم دمعة لؤلؤية في
منديل وقال في صوت متهدج النبرات:
ـ أحبها يا فؤاد أحبها.. فقلت متأثرا:
ـ هي أيضا تحبك.
فرقع في وجهي عينين
غسلهما الدمع وقال في نبرة سريعة متحفزة:
ـ حقا ...صحيح ؟؟
فارتبك لساني للحظة ثم
استرسلت:
ـ ولما لا تحبك ؟؟ يعني
يمكن أن تكون هي أيضا تحبك وربما هي أيضا في مكان ما تجلس الآن مع صديقتها وقد
كتمت دمعة لؤلؤية في منديل أبيض مطرز بالوردي وتقول أحبه .. أحبه !!
فانكسفت تلك النظرة
الملتهبة في عينيه وسأل في تسليم :
ـ هل تصدق هذا الخيال الرائع؟
وأخدني شعور غريب مزيج من الرثاء والرحمة وموجات
شعورية أخرى لا أفهمها نحو هذا الرجل القوي
الضعيف وقلت ألتمس له العزاء :
ـ ولما لا أصدقه ؟؟
فثار في وجهي ثورته الفجائية
المرحة وقال يجبرني أن أكون جادا:
ـ معك حق .. أنا
الذي أبوح إليك واخترتك من بين الناس لأشكو إليك فتهكم كما شئت وتشفى !!
فثرت بدوري مستنكرا:
ـ أنت تظلمني يا رجل!!
وكنت أقول في دهني
لما يا ترى اختارني أنا ليبثني همه ويحمليني هذه الشكوى الثقيلة ولكن على كل حال
اختارني ويجب أن لا أخيب ضنه وأكسر قلبه كما كسرته هذه المرأة القاسية التي يسميها
هو "..." ، وخفقت عيناه كأنما يقول أعتذر فتراجعت قائلا:
ـ لست ظالما
طبعا فظلم الأصدقاء عن غير قصد هو أسمى معاني العدالة ولكني لا أفهم قلبك الكبير،
فابتسم وربت على كتفي باتنان وقال كأنما يتوسل:
ـ هل يمكن أن ... ؟؟
وانقطع الصوت في
حلقه وابتلع لعابه وهم أن يعيد المحاولة فبادرته:
ـ نعم ... كثيرا كثيرا
ـ هي قالتها لك ؟؟؟
ـ أنا لا أعرفها حتى
وأنت تعرف هذا !! وأنت قلت لي أنها ذات حشمة فكيف تحدثني في وضوع كهذا...!!
ـ نعم نعم ... وكيف
عرفت ؟؟
ـ عرفت هكذا
ـ كيف هكذا
ـ لا أعرف
ـ ولكنك قلت لي تعرف
ـ نعم أعرف ولكن لا
أعرف كيف أعرف
رماني بنظرة حارقة
كأنها الرصاص وربما عابثته رغبة في صفعي وأحسست في نفسه تلك الرغبة فأبعدت رأسي
قليلا وقلت أبرئ نفسي:
ـ اسمع ... قلت لك
الحقيقة أقسم ... ولكني لا أعرف كيف!! عندما أخلو إلى نفسي تخطران على بالي عند الشفق تجلسان إلى بعضكما في
حب وحنان تراقبان قرص الشمس يحط على الأفق الواسع وتستمعان أنغام الطبيعة وهي تستعد
لهدوء الليل، تنصتان إلى وداع الغروب.
ـ وماذا ؟
ـ تنظر إليها
فتحفق رموشها كجناح فراشة في عفوية خجولة وتطيل النظر قليلا فتنحي عينيها ناحية الأفق
وتسألك:
ـ إلى ما تنظر ...؟
ـ أقرأ عمري في
عينيك يا ععمري !!
ـ ابعد عينيك عني يا
رجل .. لا تنظر إلي هكذا أمام الزهور الصغيرة والعصافير الصغيرة ... لا يجوز!!
ثخفض عينيها وتداعب
العشب بأصابع رخامية حنونة فتقول أنت:
ـ سأهمس بحبنا لهذه
الزهرة لتفشيه لصديقتها ليخبرن النحلات والعصافير والأرض !!
ثم تنحني إلى زهرة
صغيرة بيطئ وتقول لها: اسمعي يا صديقتي الصغيرة إني أحب المرأة التي تجلس هناك
أحبها كما تحبين أنت نسيم الصباح ....!!
فتغضب غضبتها الحلوة
وتنحني إلى زهرة صغيرة كانت تلاعبها بين أناملها وتهمس: إني لا أحب هذا الرجل الذي
يجلس هناك لأنه مشاغب يزعجني كثيرا ...؟؟
فيخرج عن طوره
وينتفض: إني لا أزعجها أبدا ...!!
وكنت قد اندمجت في
المشهد فقلت له:
ـ هي قالت أنك
تزعجها ؟؟
فرد يدافع عن نفسه:
ـ أقسم أني لم
أزعجها .. صدقني .. لا يمكن أن أفكر في ذلك !!
ـ ولكنها قالت لك
لا تنظر إليها أما الزهيرات الصغيرات والعصافير الصغار لأن ذلك لا يليق فتماديت
وقلت لتلك الزهرة البيضاء الصغيرة أنك تحبها لتفشي السر للنحلات والعصافير والأرض
...!!
ـ ولكني لم أكن
أعتقد أنها ستنزعج من ذلك ؟؟
ـ ولكنها انزعجب !!
ـ فما العمل !!
ـ لا أدري ... ربما
عليك أن تراضيها !!
ـ كيف ...كيف ؟؟
ـ أصمت .. أتركني
أعود إلى الشفق والتلة والزهور والعصافير إلى حيث كنتما تراقبان قرص الشمس يحط على
الأفق الواسع وتنصتان في صمت لمعزوفة الغروب لعلنا نجد لك مخرجا من هذا المأزق الذي وضعت نفسك
في، وإذا كنت تريد الصراحة فأنت الذي تسبب
في كل هذا.. هي كانت تجلس بجانبك في حنان كأنها حمامة وأنت تثرثر وتثرثر كأنك لا تعرف أنها لا
تحب الصمت عند الشفق !!
ـ لم تخبرني بذلك !!
ـ كان يجب أن تفهم
ذلك من نفسك، الصمت عند الشفق من أسسيات الحب يا صاحبي، كل العشاق يعرفون هذا،
يبدو أنك لا تفهم الحب أو أنك لا تحبها كثيرا ...!!
ـ أقسم أني أحبها
..أحبها كثرا !
ـ إخرس .... اتركني
أفكر لك ..
وشبكت يدي وراء رأسي
وعدت إلى المشهد:
ـ ها هي الآن تنظر
إلى الناحية الأخرى وقد اتكأت على راحب يدها التي من ناحيتك وجعلت تلعب بحصاة
صغيرة في اليد الأخرى وأنت جالس هناك ترمقها بعينيك لا تعرف ما تفعل !!
ـ لو كانت تحبني كما
قلت لما انزعجت مني وتركتني أتعذب هكذا وهي تلعب بحصاتها الصغيرة وتنظر إلى
الناحية الأخرى !!
ـ إنها تحبك ولكن
يجب أن تراضيها .. النساء لا يتلكلمن أولا، يجب أن تبادرها أنت !!
ـ نعم يجب أن
أبادرها ... يجب .. ؟
ـ ها أنت تسترد
نظرتك منها وتحملق في تلك الزهرة الصغيرة حتى كدت تخيفها وتقول لها بصوتك الواضح:
أسمعي أيتها الزهرة البيطاء الصغيرة قولي لصديقاتك الصغيرات وللنحلات والعصافير
الصغار والأرض إني أعتذر لهذه المرأة الجالسة هناك تتأمل الشفق وتلعب بحصاتها
الصغيرة !!
ـ وماذا قالت هي
..؟؟
ـ هي ... خبأت
ابتسامة رائعة وهزت كتفيها وأمعنت في الصمت .. يبدو أنها لن تتبسط لمجرد هذه
المحاولة.
ـ فماذا علي أن أفعل
؟؟
ـ لا أعرف .. ربما
عليك أن تغضب منها ؟؟
ـ أنا أغضب منها
!!!! لا ... أنا لن أغضب منها .. هي لم تفعل ما يغضبني !!
ـ لا لا لن تغضب
منها ... فقط تمثيلية، ستتظاهر أنك غضبت فيلين قلبها الحنون !!
ـ حسنا .. وكيف أفعل
؟
ـ اتركني أرى ...
وأشبكت يدي وراء
رأسي وأغمضت عيني وعدت إلى المشهد:
ـ ها أنت تقطب قليلا
وتركز عينيك في ناحية الغروب ... وتصمت لفترة، ثم تخرج مذكرة صغيرة وقلم رصاص من
محفضتك، وتروح في التدوين لفترة... فتنظر إليك ثم تتحول عنك وتسألك في صوت جميل:
ـ ما تفعل ...؟؟
ـ كما ترين ... أكتب
!!
ـ ماذا تكتب !!
ـ خاظرة خطرت على
دهني ...!!
ـ اقرأها لي أسمع
...
ـ لا ...
ـ لما لا ...؟؟
ـ ستسمعنا الزهارات
الصغيرات والعصافير الصغار ... هذا لا يجوز !!
ـ هل ستقرأ أم لا ؟؟
ـ وإن لم أقرأ ؟؟
ـ سأغضب منك
وسأخاصمك !!
ـ أنت أصلا كنت
غاضبة !!
ـ لم أكن غاضبة !
ـ وماذا كنت ...؟؟
ـ كنت عاتبة ... هل تقرأ أم أغضب ؟؟
عدت إليه فوجتده
يقرأ شفاهي في خشوع منفصل عن الدنيا فانتهرته بسؤال مفاجئ:
ـ هل ستقرأ أم لا ..؟
ـ أه .. نعم .. أقرأ
أقرأ !!!
ـ هيا أسرع ؟؟
ـ ماذا ....
انتظر أرى لك : ها
أنت ترفع يديك وتقول:
ـ يبدو أنني سأقرأ ،
أنصتي يرحمك الله ...!!
وتفتح الكراسة
الصغيرة وتقرأ:
ربي إليك أمري
خفقت رموشها كشراع
فمسني النسيم
ومسني الجنون
وأنت يا رب
السماوات والأراضين رفعت القلم عن المجنون
وهي تعاقبني على حنون
كانت هي السبب فيه ..
...............
وتبتسم ابتسامتها
الحلوة وتبتسم أنت ثم تدعوها للعوة وتعودان أنت تشعر بسعادتها تغلي في قلبك وهي
تشعر بسعادتك تغلي في قلبها.
وتساءل في إشفاق:
ـ إلى أين نعود ..؟؟
ـ تعودان إلى البيت
... لأنكما تزوجتما منذ شهر ؟؟
وأرخى آه طولية
ونظر إلى السماء .....
كنت في ما مضى.. تكفيك كلمة واحدة لتقديم اعتذار أو تعبير عن عاطفة، لكنها كانت كلمة تحمل معها كل دفقات قلبك. فلما أجدك اليوم تختلق قصة بأكملها، تستنجد بعشرات الكلمات.. للغرض نفسه ؟؟
RépondreSupprimerde knsa
أنا لا أختلق القصص ... عروس في قلبي تمليها علي فأكتبها بأمانة
RépondreSupprimer!!فلما" أجدك اليوم، تستنجد بعشرات الكلمات.. للغرض نفسه؟"...
Supprimerربما لأنني الآن أحدث نفسي أو أتحدث لنفسي فتبسطت معها وتركتها على سجيتها تقول ما شاءت وكما شاءت
Supprimer"عروس في قلبي تمليها علي فأكتبها "بأمانة....
Supprimer"وتركتها على سجيتها تقول "ما شاءت وكما شاءت....
!!ذات تتخبط بين المتناقضات
هذا ليس غريب علي ... الغريب أن لا أكون متناقضا
Supprimerبل الأغرب أن تكون على هذا القدر من العبثية... مع كل احتراماتي لك
Supprimerآآآآآآآآية عبثية... أية عبثية ؟؟؟ أنا عندما أكتب لا أهتم لا لمنطق ولا لجد ولا لعبث كل ما يهمني الجمالية يا هذا أو يا هذه ... يجب أن تفرق أو تفرقي بين الكتابة والحياة أنا أكتب ما أحبه لا ما أعيشه ... أرجوك لا تجازف أو لا تجازفي بكلمات ثقيلة كهذه لأنها ستضطرني لتجاهلك والسكوت عن الرد عنك عن رسائلك
Supprimerعجبا لأمرك ياأفندي ياليتني أستطيع ٱكتشاف الفائزة بالقلب واللقب من بين متبارياتك... :)
RépondreSupprimer:) :) ....
Supprimerتبتسم....! أتمنى إذا أن تكون هذه الإبتسامة دليل على الإخلاص و التوبة وليس التلاعب واللهو كعادتك
RépondreSupprimerيبدو أنك تقف تقفين على الخط الأحمر .... يجب أن تراقب أو تراقبي خطواتك جيدا احدري اللعب بالنار قد تحرق رموشك
RépondreSupprimerjolie :) mais ça n'existe que dans tes histoires ..
RépondreSupprimerلا أدري ... ربما يوجد على الأرض أيضا ...شكرا لوقت القراءة
Supprimerما أروع نبض الحديث حين تكون أنت القائل.. لوحة أدبية شاعرية جميلة، وتصوير بالكلمات مبدع، هو نص ترسمه عقولنا حين قراءته وتشاهد رسمها القلوب. تلتقي الأحرف هنا لوحدها مشتاقة لبعضها، وتحلّق بنا بعيداً في مراتع خصبة، وتلتقي أرواحُنا رغم مسافات البُعد الجغرافي !. فتتعارف وتتمازج بأرقى معادلة وجودية ويكون إرتباط الأرواح أسمى وأقوى من الحرف لأننا نمتطي الحرف لنسمو فوق كل عقبة .
RépondreSupprimerأفندي ما الحروف إلا أوتار وقلّما وجد من أتقن العزف عليها كـعزفك، سلمت أناملك التي نثرت عبيرا فواحا من الكلمات ومن جمال المعاني ومن رقة العبارات، رائع ..جميل..بديع ما تقدمه، دمت لنا حرفا متألقا فأنت قارورة إبداع لا تنضب.
عندما أقرأ هذا التعليق وهاذا الأسلوب الأرقى فمن الطبيعي أن تتلعثم الحروف بين أناملي ولا جد ردا ...فإذا كانت الحروف أوتارا فأنت عازفة بحيق وبعبقرية .... شكرا هاجر على التشجيع وشكرا لمرورك الذي يهب كالنسمة الصباحية الرقيقة
RépondreSupprimerبصُرتُ بحوريات من بنات افكار الافندي تعبث هنا و هنالك...آتاك رب ذلك العاشق الساذج ملَكة ليتك تجلي بها خضرة اللواء المنشود...كما تدغدغ بها الغباء المحمود لقلوب مكبلة...
RépondreSupprimerربما نكبر وتكبر عقولنا وتستقر ونكف عن الغباء ونسخر تلك الملكة لرفع اللواء الأخضر المنشود ... شكرا للقراءة والتعليق
RépondreSupprimer