شيء جميل أن ترى التنافس حول مقاد مكتب الطلبة، وشيء
جميل أن ترى أكثر من لائحة تنزل على الساحة ببرنامج يسطر أهدافها ويوجه طريقها في
العمل، وشيء جميل أن تدخل المقصف قاصدا إحدى الموائد لتصيب شاي أو قهوة المساء ثم تجلس
إلى مائدة فإذا بك تجد نفسك في نقاش حول الولاية المقبلة وبرامج اللوائح، فتقحم
نفسك في حر النقاش وتخوض في تحليل الأمور وتركيبها وتقضي ما شاء الله لك من الوقت ثم
تغادر راضيا مرضيا آملا متفائلا، هذه متعة جديدة لم نعشها من قبل، وهذا رقي يجب نفخر
به... ولكن يجب أن نفخر بحدر، ويجب أن نتفاءل بحدر، فليس من الحكمة أن ننساق وراء
تفاءل أبله ليس من الحقيقة في شيء، ثم إن العقل الراجح يضع أمام عينيه كل
الاحتمالات الممكنة ويحسب لها حسابها مهما قل احتمال وقوعها ويعد لها عدتها...
هذا هو حديث الساعة، وهذا هو الإيقاع الذي يتمايل معه
المعهد، وربما هذا هو السؤال الذي يراود الكثير خصوصا مع الموارد الجديدة التي
أنعشت صدوق المكتب: من هي اللائحة التي ستوكل إليها أصوات الطلبة تصريف أعمالهم للولاية المقبلة، لعله سؤال على قدر
كبير من الأهمية، ولكنه ليس الأهم، فلترتدي هذه اللائحة التي ستتولى أمر المعهد أي
لون شاءت، ولتقم بأمر المعهد كما شاءت لها حكمتها السياسية، ليس هذا أمرا ذا بال،
ولكن أمرا آخر يلح، يجب أن تضعه أنت
كطالب نصب عينيك وأنت تمارس حياتك
الطلابية، ويجب تضعه اللائحة الفائزة نصب
أعينها وهي تمارس صلاحياتها في تسير شؤون الطلاب، إنها مسألة المحاسبة، ذلك أن السياسة في معهدنا أصبحت
على قدر من النضج تحتم معه التفكير في ربط مفهوم المسؤولية بمفهوم المحاسبة، ولكن
علينا أولا أن أ نفهم ماذا نعني بالمحاسبة، ونضع لها قواعد معقلنة واضحة، فتكون
المسؤوليات واضحة والتبعات واضحة، وهنا يجب أن نتطرق لمقالة تتردد على ألسن كثير
من الطلبة، ألا وهي الدعوة إلى اختيار
اللائحة التي تحسن بها النية، ونرى فيها إخلاصا للمعهد وطلابه، هذا خطاب قاصر لا
يرى أبعد مما تتيح له قدرة عينيه، ولا يستشعر إلا ما يحيط به عن قرب، علينا أن
نتخلص منه ونلتفت إلى الوراء ونتعظ بدروس الماضي ثم نلتفت إلى الأمام ونستشرف
المستقبل ونتفادى ما أمكننا تفاديه من خطوبه، وعليه فحسن النية والدين لا يكفيان
معا لاختيار اللائحة، فقد تتوفر حسن النية
ولا تتوفر المهارة السياسية، وقد يتوفر الدين ويتوفر معه جهل بقواعد اللعبة، فما
الذي يكفي إذا ؟ البرنامج وحده يكفي، عندما تفكر في التصويت فلا تطرح الكثير من
الأسئلة، فقط توجه لصبورة الإعلانات ومر على البرامج وتدارسها بينك وبين نفسك أو
بينك وبين رفاقك ثم صوت للبرنامج الذي بدى لعقلك أكثر معقولية وغض البصر عن أفراد
اللائحة و أشكالهم وأديانهم أو درجات تدينهم، وما يحملونه من قناعات، لأن ذلك لا
يهمك في شيء يذكر، ولا يمسك من قريب ولا من بعيد، أنت تعرف برنامج يجب أن ينفد فإن
لم ينفذ كما يجب يأتي دور المحاسبة الصارمة...
لم يحين دور المحاسبة الصارمة بعد، ولكن حان الوقت أن نتخلص القشور ونباشر العمل في
تأسيس دمقراطية حقيقية تربط المسؤولية
بالمحاسبة و قبل ذلك فلنؤصل لهذه المحاسبة وندع لها القواعد المتينة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire