samedi 21 septembre 2013

رسالة

صديقي....

                لا أدري كيف حملني قلمي على الكتابة في حصة الدرس، بينما تنهمك الأستاذة في شرح الخرسانة المسلحة  كل العيون تلتهم ما كتب على السبورة بينما أتيه أنا في حبر أفكاري بعبدا. تقول الأستاذة " نضيف الأعمدة الحديدية لتقاوم الخرسانة التمدد"، تحملني أفكاري بعيدا : هكذا أنا أيضا منذ غادرت البيت منذ أربع سنوات في كل فرصة أضيف عمادا حديدا لشخصي حتى ظننت اليوم أن ما عاد شيء يحرك هذا الشخص القابع بداخلي، حتى في أقصى درجات الحزن ترفض دموعي أن تغادر قلبي، حتى في أقصى درجات المرض ما عاد عقلي يتقبل فكرة الألم.
                لا أدري، ربما ما كان علي أن أبدأ بالحديث عن نفسي، ربما أخطأت اختيار كلماتي، ربما ما كتبته لا يليق بأول رسالة، لكن لن أرمي الورقة لأن أجمل الأحاديث تلك التي نتردد في قولها و تبقى داخلنا. لن أقمع بعد اليوم قلمي لن أجعله يكتم أحاسيسه كما عودت لساني بعد أن عرفت أن الجميع لا يستسيغ قول الحقيقة.
- قلمي من اليوم أنت حر. يبادلني قلمي نظرة ملؤها الشك.
- لست قادرا على تحمل الحرية..ربما يكسرني أحدهم غدا.. ربما مللت مني
- أصرخ في وجهه، أكتب و كفى
قد تتهمني بانفصام الشخصية، لكني أعرف أنك أذكى من ذلك ستعرف أكيد أن بيني وبين قلمي ما بين الصراحة و المجاملة
ملحوظة: أرجو أن لا تكون قد تهت في عالمي، أحضر معك GPS المرة القادمة

صديقتك سارة

 صديقتي تحملي مسؤوليتك، هذه هي تبعات العبقرية والتميز وأنت اخترت أن تكوني عبقرية وأن تعيشي حياة أخرى بين ضفاف الكتب فلابد أن تدفعي الثمن، ولا بد أن تتمزقي بين تلك السعادة الجميلة حين تراقبين بإعجاب تلك الروح الطفلة تتسلق طبقات الكمال الوجداني وبين هذا الجهد المضني الذي ستبدلينه وأنت تحاولين التكيف مع خشونة الواقع...
 هكذا   ترسمين تلك الصورة الصادقة لمأزق العبقرية، تجسدين  الصراع الأبدي بين عبقرية الفيلسوف أو الفنان وبين عميلة الحياة وواقعيتها، فالعبقري أيتها الصديقة كان فنان أم فيلسوفا إنسان معلق بين السماء والأرض، لا هو متوافق مع أطوار الحياة من حوله ولا هو يستطيع الخلاص تماما من مألوفها..
 لا تتوقعي من الحياة أن تكيف نفسها على ميزاجك وتسمح لك  بالشرود عن مسؤولياتها اليومية   التي تقيد  حركة خياليك وبديهتك الحالمة الثواقة للتحليق في أفق التجريد الواسع كطائر حر يحط حيث يشاء ويغرد حين يشاء، ضعي في حسبانك   أنها ستأبى عليك وستحاول أن  تشدك إلى الأسفل، لا تسرخي فلن تعترف لك بذاتيتك وتميزك ولن تمنحك فرصة الكلام والصخب ما لم تأخديها منها غصب..!!
   فلست الأولي التي تجد نفسها خارج مضمار الحياة  بعيدة عن اهتمامات الناس الصغيرة، ولست الوحيدة التي تتعجب كيف ينغمس الناس في أفقهم  المادي الضيق ولا يشعرون بالاختناق، ولست الوحيدة التي حاولت قسر نفسها على العيش بطريقة الآخرين حين وجدت نفسها غريبة فازدادت طيشا وشرودا وبعدا، لا لست وحيدة في ذلك أبدا، فقد شرد وتعجب وحاول قبلك كل العباقرة، ولك في العضيم سقراط الذي قضى حياته يتجول في شوارع  أثينا حافي القدمين  في بين تلاميده يسائلهم ويفكر معهم يسعى وراء الحقيقة مع زوجته أنثيبية أسوة حسنة، هذا الزوجة المحدودة بمكانها وزمانها لم تكن لترى في زوجها العبقري سقراط ـــ الذي أبهر الكون بجواهر عقلية لا زالت تلمع إلى زماننا هذا وستظل تلمع إلا ما شاء الله ـــ إلا رجل كسول عاجز عن إعالة نفسه وإعالتها وإعالة أسرته حتى أنها كانت تسبه أمام تلامذته وترميه بالقذارة.
سقراط كانت له زوجة واحدة لا تفهمه ولا تقدره حق قدره وصادف جمهور من الفلاسفة ناقشهم وجادلهم وحضي منهم بالفهم والتقدير وزوجة سقراط بالنسبة إليك والنسبة لعباقرة هذا العصر ... هي الحياة،فوطني نفسك على المزيد من المعانات والمزيد من الشرود وواصلي التغريد وواصلي التمرد!!!
           مع تحيات الوفي فؤاد أفندي

dimanche 15 septembre 2013

غبية وبشعة وسأتزوجها



بعد لقاء عابر ودردشة  سريعة  اصبحت تثير عندي الاشمئزاز، أحس أنها غبية وليس هذا خطير جدا فالكثير من الناس أغبياء إنما الذي يثير أمعائي أنها تجهل أنها غبية وتومن أنها دكية إن لم أقل تومن أنها مثال الدكاء والنبوغ، وعلى كثر  اللواتي جمعتني بهم الصدف واللقاءات العابرة على شاكلتها، ممن جمعن غباء مفرط وجهل مفرط به  وغرور أكثر إفراط، تبقى هذه حالة نادرة جدا، والناس يعرفون هذا، يعرفون الأغبياء ويميزونهم، ويتحدثون بهذا بينهم وبين أنفسهم وبينهم وبين خاصة أصدقائهم ولكنهم لا يجرؤون على مواجهة الأغبياء بغبائهم إما إشفاقا عليهم وعلى مشاعرهم وإما تجنبا للقلاقل والمشاكل وإما حفاطا على مستوى جيد في علاقاتهم بهم، والأرجح عندي الاحتمال الأخير، إذ العلاقات مع الأغبياء لها منافع ومناقب لا يجهلها ذو عقل، وهذا هو عمق الاشكالية، كيف تعرف أنها غبية ما دام لم يخبرها أحد من قبل، لم يشككها أحد، لم يدهشها في نفسها أحد، إنها تتحمل نصف المسؤولية فقط والنصف الباقي للناس الذي يزكون تلك الصورة المبهرجة الخادعة التي رسمتها لنفسها بل يزيدون في بهرجتها ويجتهدون في تلميعها وإخفاء عيوبها، وبينهم وبين أنفسهم ويسخرون أمر السخرية، ولهم الحق كل الحق أن يحتفظوا بالحقيقة لأنفسهم وأن يبقوانها قيد سارائرهم فلا يجب أن تقال لمن لا يبحث عنها ولا يعبأ بها، ويستبدلها بما يسكت غروره من مطروز الكلام، وعلى كل فالغباء أمر إنساني له عدة وجوه وصور، ويمكن أن يتجلى في الشخص الواحد على صورة واحدة، أو صورتين أثلاثة صور أو ألف صورة أو يزيد، وكلما تعددت أشكاله وتداخلت صوره إلا وازداد صاحبه اعتقدا أنه أذكى الناس وأرجحهم عقلا وأصوبهم رأيا وأبعدهم عن الغباء وتلك هي درجة الوصول أو البلوغ في البلادة، المهم اني قابلت هذه الغبية بالصدفة وأنصت إليها لمدة لا أقول طولة مرت على أحاديث متنوعة في مجالات متنوعة وبلغات متنوعة والحق أن غباءها نوعي، من النوع الذي يخيل لصاحبه أنه اكتمل وصار من حقه أن يلقي الدروس هنا وهناك بالمجان بداع أو من عير أي داع، ذلك النوع الذي يجعل صاحبه يحشر أنه في ثقب الإبرة بل في ثقب بالوعة، ويعتقد أن رأيه مهما وكلامه مهما ومن واجبه أن يصحح الناس ويلقي في أرواعهم الحكمة التي أودعها الله قلبه وعقله وكلفه أن يجهر بها بمقام أو من غير مقام، متنطعة جريئة وقحة تيتكلم بالدارجة نصف ساعة ثم تختم ب " trust me"، تحمل بين يديها كتابا لطارق رمضان لا لتقرأه بل لتكمل به تفاصيل الموضة، تقتطف منه عبارة غامضة لا تفهمها تضعها على حائطها في الفيسبوك وتكتب تحتها في تعليق"Absolutly right" ،تصادق عليها، كأن المتلقي كان ينتظر أن تخبره هل ما قاله المفكر "Absolutly right" أم " right" فقط أم ليس "right" بتاتا، كانت تثرثر بلا توقف طوال اللوقت وكنت أترك لها المجال وأفكر لو أقول لها الحقيقة، لو أخبرها أنها تافهة وقراءاتها تافهة ومشارعها تافهة، هل تصدقني يعني ؟ حتما لا !! بل ستعتبرني سلبي وتعجيزي ومن الأفضل أن لا تناقشني كي لا أشعرها بالعجز والضعف لأن الحكمة المعلقة على حائطها في الفيسبوك تقول " لا تناقش من يشعرك بضعفك "، وأوحى لي الخيال ضروبا من الحيل يمكن أن تنتحل لأنبهها إلا عيبها دون إحراج، ولكن كلما أمعنت في الثرثرة ازددت إيمانا أنها لن تعي ذلك بتاتا وأنها ستعيش غبية ما كتب الله لها أن تعيش، وأنه لو اتفق الناس جميعا على غبائها وأخبروها أنها بليدة لاتهمت الناس جميعا بالسلبية ولقاطعتهم جميعا ولما ساورها شك ولو للحظة في عقلها وذكائها، وأنه لو اتفق الناس جميعا على إحراجها ما نالوا منها شيئا فهي لا تعرف الحرج حتى عندما يتبدى على الآخرين ولا تتفهم أسبابه ولو كانت منطقية، وإلى ها الغباء كله جمعت  قدرا كبير من البشاعة وهي عند نفسها فاتنة، وهذا الذي زاد بلل الطين عن حده، فلو كانت جميلة لشفع لها حسنها عن بعض غبائها، بعضه فقط أما بعضه الآخر فلا يغتفر، ولولا خوف الله لوصفت تضاريس جسمها ولفصلت القول في منحنيات خلقتها المنكرة ولكني تركت هذا الكلام تجنبا  للوقوع في المعصية وخوفا على ميزاج من يسمعه وعلى راحة نومه فليس بعيدا أن أرسم له صورة تتبدى له كوابسا تدهب بسعادة لياليه وتبدلها له أرقا وسهادا، وإني أسألل نفسي مذ عرفتها وأقول  كيف يمكن أن يتخدها رجل عاقل زوجا له، وينازعني العبث فأقول هل يمكن والعياذ بالله أن أتزوجها لو حكمت الظروف، وكل ما ورد على دهني هذا السؤال أفكر وأروي وأقول أنه لمن الوارد جدا، فالزواج منها يخضع لضروف معينة يمكن أن تتحقق، فمثلا، لو انقرض الناس بفعل من أفعال الطبيعة وبقينا نحن الإثنان وتواجدنا في عين المكان لا محالة سأتزوجها وأنا فرحان، و ايضا لو أردت أن أعرف هل الغباء فطري أم مكتسب ستحدثني نفسي بالزواج منها لأرى النتيجة بعيني! كيف لا، وأنا الآن حائر كيف يمكن أن يضع الله في شخص واحد هذا القدر من الغباء والتنطع، هذا يسمى حب الاستطلاع والبحث عن المعرفة، و من أجل المعرفة قد يغامر الرجل في تاجارب  خطيرة مثل الزواج من غبية بشعة! ثم إذا قارفت دنبا كبيرا وأنبني ضميري وفكرت في عقاب أنزله بنفسي فإنه من الوارد أن أفكر فيها...