jeudi 27 juin 2013

إهداء



إلى ذلك الفلاح البسيط الذي يتقدم نحو الشيخوخة يحمل معولا على كتفيه ليثيرالتراب حول جذور الشجرة المباركة ويستوي إلى جدعها ليتأمل حبات  الزوتون الخضروات الصبيات في غضاضتهن ويقول ستثمر وأبيع منها وأحصِّل مالا أعين به ابني على استكمال الدراسة... ذلك الرجل الذي ينثر حبات القمح ويقول ستنبت الحبات وتعمر السنابل وأحصد الخير الكثير  وينتظرها ... ينتظر تلك المرأة القروية المحبة البسيطة تحمل إليه ما أعدته للفطور: خبز وزيت وزيتون وشاي ... 
يجلسان ويكون حديثهما البسيط حول ولدهما الذي سيتخرج "مهندسا".
الى الشيخ أهدي  هذه الفرحة ووأقول: دعني أتعلم حب الأرض إذا ما قبلت سمرة جبينك ...
الى العجوزأهدي هذه الفرحة وأقول:دعيني أصير على راحتيك طفلا من جديد ...
الى أخي الكبير الذي يحملني على كاهله... إلى أخوايا وأخواتي الذين يملأون حياتي
إلى عائلتي الكبيرة: قريتي الصغيرة
إلى أسوار المعهد، إلى أشجار المعهد، إلى ليل المعهد الهدئ الجميل وقمره الذي أنصت لحديثي في كسل أصف عيون الضبية وخد التفاحة وغصن الريحانة...
إلى الصاحب في رحلة الأدب.. إلى الذواق أحمد شام 
إلى رفيق الغرفة ورفيق العمل:عبد الجليل
إلى الرفيق والمدرب: منير 
الى رفاق درب  الحياة
إلى الانسانية أهدي فرحتي  

samedi 8 juin 2013

الطالب ورسالة التنوير



في لحظة حماسة كلفت نفسي أمام ضميري وأمام الساهرين على تنظيم هذه الخطوة التنويرية أن أكتب مقالا حول رسالة الطالب داخل الحرم الجامعي وفي معترك الحياة عامة لعلي أنال به شرف المساهمة في هذا العمل النبيل، وفعلا ذهبت إلى غرفتي وأخدت قلما وورقة وجلست إلى مكتبي عازما متوكلا على الله، كتبت العنوان " الطالب ورسالة االتثقيف"، وعندها  فقط بدأت أقيم حجم الخطأ الذي ارتكبت، إذ وجدت نفسي أمام مفارقة غريبة تحتاج قبل الكتابة إلى الصمت والتأمل، فبشهادة التجمع العام وبشهادة الطلبة فردا فردا نحن متخلفون ومستوانى الثقافي لا يشرف، هذه حقيقة نعرفها جميعا ونجاهر بها من دون خجل في التجمع العام وفي المطعم والمقصف وفي أحدايثنا مع أنفسنا نقولها ثم نواصل حياتنا المتخلفة ببرودة كأن الأمر لا يمسنا لا من قريب ولا من بعيد، وإذا جردنا طلبة المعهد وسألناهم هل يرغبون في الخروج بالمعهد وبأنفسهم من مستنقع التخلف ليحيوا حياة كريمة، فلا  أعتقد أن أجوبتهم ستختلف كثيرا عن هذا العبارة " نعم ... وأتمنى ذلك من أعماق قلبي"، سيقولون ذلك ثم يسنصرفون ليمارسوا حياتهم المتخلفة مرتاحين قانعين !! فما سر هذا الشلل..؟؟ كيف تسلل هذا البرد إلى عقولنا وأرواحنا ..؟؟ ما الذي ينقصنا لنخرج فكرة التغير من عقولنا لتنعم بالحياة على الأرض ؟؟
هذه الأسئلة جرتني بعيدا عن عنوان المقال، فبدل الحديث عن رسالة الطالب انقدت وراءها من غير مقاومة، لأني في قرارة نفسي  أسلم أنه من غير المجدي أن نعود للتذكر أن رسالة الطالب كمثقف هي في الأول والأخير رسالة  تثقيفية تنورية محضة، فالطلب أيان وجد، فهو مسؤل أمام ضميره أن يكون متنورا أولا ومنورا ثانيا، ولكي يكون كذلك فهو ملزم أن يحمل ثقافة متينة تمكنه من تأدية هذا الواجب التاريخي اتجاه نفسه ومجتمعه واتجاه الانسانية في شموليتها، ومفهوم الثقافة كما فسره المفكر والأديب عبد الكريم غلاب يشمل كل ما يؤدي إلى الاستقامة وإقامة الاعوجاج على مستوى الفكر والعقل والروح والنفس والقلب وينعكس إيجابا على السلوك، وهذه الاستقام وإقامة الاعوجاج لا يتأتى إلا عن طريق الانفتاح عما راكمه تاريخ  النسان منذ أن أخذ هذا الانسان ينطلق بفكره وقلبه يبحثا عن الأفضل، ومنذ أن بدأ عقله يمارس مهمته في الانطلاق من المحدود إلى اللا محدود ويتساءل ويبحث عن الأسباب والعلل، ومنذ أن أخد قلبه يمارس مهمته في الانظلاق بحثا عن الخير والسلام والجمال، إذا فالطالب الجدير بهذا اللقب هو الطالب المثقَّف المثقِّف الذي يسخر عقله وقلبه ليضيف شيئا جديدا مفيدا للناس وهذه هي رسالته ....
قلت بدل الحديث عن رسالة الطالب انقدت وراء البحث عن أسباب هذا التراخي الفكري والروحي الذي يخيم على معهدنا ويقعد السواد الأعظم منا عن القيام بدوره الانساني في البحث عن الأفضل والعمل من أجله، فكان من البديهي أن  أتوجه مباشرة الطالب لأحمله قسطا من مسؤولية هذه الوضعية المأزقية التي يعيشها فهو بالضرورة عنصر متفاعل في هذا الخليط وله دوره بالطبع، ولكنه في نظري يتحمل قسطا من المسؤولية ليس كل المسؤولية، فهذا الطالب نفسه وليد منظومة اجتماعية غارقة في النخلف ثم بعد ذلك هو نتاج منظومة تعليمية عميلة تغدي هذا التخلف، فهو في دهنية المجتمع مشروع شهادة ثم منصب شغل وراتب شهيري، ويكفيه أن يحصل على الشهادة والمنصب ليحظى معهما  على اعتراف  الناس واحترامهم وتقديرهم إما إلم يحصل عليهما وخصوصا المنصب ـ وهو أمر وارد جداـ فهو نكرة مهما تعبقر وتثقف، فكان من الضروري أن يتغير أولوياته بشكل واع أو غير واع ليركز كل ما أوتي من قوة بدنية وعقلية في سبيل  الشهادة وفي أقصر مدة ممكنة وبأقل جهد ممكن وهكذا تغيب الثقافة وإذا غابة الثقافة وهي غاية الطالب ـ بمعناه الحقيقي ـ  ووسيلته فليس من الغريب أن نرى ما نراه،  أما منظومتنا التعليمية كجهاز عميل لنظام يعلم أن التخلف هو الضامن والوحيد لاستمرار مسلسل افتراس للبلاد والعباد، فقد قررت أن تسلب الطالب انسانيته وتحوله إلى آلة تتوجه إلى سوق الانتاج لتعمل في مصانع وشركات الطبقة المستغلة، فضربت على عقله حصارا محكم سمته " التخصص" وأثقلت وقته ببرامج طويلة عريضة في مادة تخصصه فقط وتجاهلت ما بعد ذلك تماما، وجعلت غاية وجوده  أن يتقن الشغلنة التي سيخرج إلى الشركة لييكررها آليا طوال عمره، فكان من الطبيعي أن تتبلد نظرته لنفسه وللحياة ويتحول إلى تقني وتقني فقط، وعليه إذا كنا نريد أن نلوم هذا الطالب المسكين المغلوب على أمره فعلينا أن نقتصد، ذلك لأنه لم ينظر إليه على أنه عنصرا محوريا ومهما في ذاته وإنما وينظر إليه نظرة مادية بحتة مسته وغيرت نظرته للأمور...
يتخلص وجود الطالب في المغرب في وضعية مأزقية تخلى عن محاولة السيطرة عنها ومواجهتها، لأنه يومن أصبح يومن أن اليأس أفضل له من ترار التجربة بنفس المعطيات وفي نفس الظروف، هذه الوضعية هي أساسا وضعية القهر التي يفرضها عليه النضام التعليمي الذي يسمارس عليه الاعتباط والعشوائية، ثم هي وضعية القهر الذي يرفضها عليه الممسكون بزمام الأمور والذين لن يتوانوا في جعل مخاوفه حقيقة لو أصر على الأمل والتحدي فيعرضونه والمجتمع المتخلف والبنى القديمة من جهتها لا ترحم من لا ينضبط لأعرافها هي الأخرى يحد من مجال حركة  الطالب.
في النهاية أعترف أني فشلت، لم أجد حلا للمعضلة، لم أجد تلك الوصفة التي تشعل النفوس، وأعتقد أننا سنبقى على ما نحن عليه، سنواصل حياتنا كما اعتدناها ساهين لاهين، ننتظر ... لأن الحل لن يكون إلا جدريا.